في أحلام يقظته والنوم لازال يتذكر، لحظة اعتقاله، وجوه الأسرى المبتسمه رغم القهر، سلاح السجان يهدده كل صباح، أسوار السجن الذي لم يبرحه لمدة 6 سنوات، خرج منه شخصا جديدا، لا يعرف عن العالم الخارجي قدر إلمامه بحياة الأسر، صعوبة التجربة تركت في ”محمد فريد اسعد” آثارا لن يمحوها عمره المتبقي.

“شعور لا يوصف ينتاب الأسير لحظة التحرر من السجن، وهو خروج من الموت إلى الحياة” بهذه الكلمات بدأ الأسير المحرر محمد فريد اسعد من كفركنا حديثه، بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال الخميس الماضي.

محمد الذي ولد عام 1992، والذي يعاني من مرض نادر، اعتقل منتصف ليلة الجمعة في تاريخ 8-12-2011 ، يروي التفاصيل الأولى لاعتقاله ويقول:” كنت جالسا في امان الله مؤتمن على نفسي وأنا في بيتي، ارسم عالمي واخطط لمستقبلي، وإذا بأحدهم يدق بابنا بعنف وقوة مفرطة،  سألت من الطارق؟ فقال بصوت عال افتح الباب وإلا سنقوم بتكسيره.. استدعيت والدي، وفتحنا الباب، واذا هم افراد من الوحدات الخاصة، يريدون تفتيش البيت. وفعلا تم تفتيش البيت بشكل استفزازي، وتم اعتقال اخوتي امير وياسين، وبعد يومين تم اقتحام بيتنا بنفس الطريقة وتم اعتقالي، بحيث قيدوني بطوق بلاستيكي محكم جدا على يدي، كان عمري حينها 19 عاما.

ويضيف محمد:” تم اقتيادي الى معتقل الجلمة، وهناك تم تفتيشي بطريقة مهينة وتجريدي من اللباس، وهنا انطلقت رحلة معاناة استمرت 6 سنوات.

وعن ظروف التحقيقات قال أسعد:” تم اجلاسي على كرسي صغير جدا مكبل اليدين خلف ظهري بوضعية صعبة ومرهقة لساعات طويلة لمدة ايام، بحيث اصابني الارهاق والتعب، علما اني اعاني من مرض وبحاجة لدواء وعلاج بشكل يومي، وهنا تدهور وضعي الصحي، وأرهقتني التحقيقات والوضعية التي تم تقييدي بها، وتم مساومتي من قبل المحققين، انه ” اذا اعترفت بالتهم الموجه، سيتم تقديم العلاج لك” عندها مجبرا اضطررت للاعتراف بأمور لم تكن ولم تحصل وكل ذلك للتخلص من الارهاق الذي ارهقني وشتت تفكيري، وحواسي وجسمي، والألم يشتد علي”.

ويستذكر اسعد الغرفة التي كان ملاذا له من سير التحقيقات، مظلمة فيها نور هافت، جدراها سوداء فيها من الكآبة ما يكفي لتحطيم الاسير معنويا، طعام لا يصلح للأكل البشري ورائحته نتنه، عشت على هذا المنوال لمدة 30 يوما، علما ان 20 يوما من الاعتقال لم اقابل ولم اتواصل مع محام او أي فرد من افراد عائلتي.

ومن أساليب التحقيقات التي يستذكرها محمد، انهم هددوه ان لم يعترف سيتم اعتقال والدك وأمك وأختك، وهذا ما شكل ضغطا كبيرا عليه.

ويتطرق بين الحينه والأخرى الاسير محمد لما يتعرض له الأسرى في السجون من تعذيب، والانتهاك لكل حقوق البشرية، من إدارة السجون وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية التي كفلتها كافة الشرائع السماوية والاتفاقيات والإعلانات المواثيق الدولية.

ولا ينسى محمد الرسالة التي يحملها وهي قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية بحيث يجب أن يكون لها مكان وأهمية دولية ، ويجب نقل هذه المعاناة للعالم أجمع ، وهذا الأمر يتطلب تضافر الجهود والتعاون بين كل المؤسسات والجمعيات التي تعنى بالأسرى”.

ويضيف:” إن التحرر حلم كل أسير و أسيرة، ولكن الفرحة تنقص لأننا نترك خلفنا أخوة يعانون  ولا يزال هناك الكثير من حملات الاعتقال يوميا، لذا يجب أن تصل قضية الأسرى إلى كل العالم و أقل ما يطلبه الأسرى الدعاء”.

ويختم محمد اسعد الذي اتم حفظ القران الكريم ودراسة موضوع اللغة العربية والتاريخ الاسلامي:” ان اصعب اللحظات التي عاشها، هي اللحظة الاولى لنطق الحكم، والذي يراه ظالما، ولم ينس ارسال رسالة الى ابناء بلده وشعبه, يقول فيها, ان الشباب هم جيل المستقبل وحتى النبي صلى الله عليه وسلم استوصى بهم خيرا، ان يكونوا على قدر المسؤولية في أي تصرف، وان يعلموا ان عليهم مسؤولية اجتماعية وأخلاقية ودينية تجاه مجتمعهم فلا تتهوروا وكونوا دعاة خير وأمل وتفاءلوا بالخير دائما”.

الكلمات الدلالية : الأسير, المحرر, محمد, أسعد, كفركنا.., “خرج, الموت, الى, الحياة”,