بسم الله نحمده حمداً يوازي نعمه ويدفع نقمته ويكافئ مزيده ونصلي ونسلم ونبارك على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

في مقال سابق عرضت به التغيرات القروية التي شهدتها قرية الرينة في ظل الحكم العسكري، حينها تطرقت بموجز صغير حول التغيرات التي شهدها الحكم المحلي، في هذه المقال سوف نتطرق بتوسع حول إقامة المجلس المحلي الأول في الرينة من حيث التاريخ المُفصل؛  مكان الاحتفال، المشاركين، تركيبة المجلس، الموقع الجغرافي.

خلفية تاريخية.

منذ أواخر العهد العثماني وبالتحديد بعد قانون الولايات العثماني 1864 اتبعت سياسة المختار في القرية واستمر هذا النهج حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى، وفي تشرين اول من عام 1918 استلم الحكم البريطاني (لتنويه من عام 1918 حتى عام 1920 كان حكم عسكري بريطاني، ومن عام 1920 حتى عام 1948 بدأ العمل وفق الحكم المدني البريطاني، اما الانتداب كغطاء للحكم المدني بدأ بشكل رسمي في تموز عام 1922).

وفق المصادر التاريخية التي توفرت لدينا تبين ان الرينة حظيت بمكانة مجلس محلي عام  1924 على يد المندوب السامي البريطاني،   الا ان الامر لم يبقى وقت كثيراً، ففي عام 1929 صدر امراً من قبل  المندوب السامي بإلغاء مكانة سلطة محلية، وبهذا عاد نظام المخاتير في القرية، وفي 14 أيار من عام 1948 تم الإعلان على قيام دولة إسرائيل وفي تاريخ 19 أيار 1948 تم الإعلان عن فرض قانون الطوارئ الذي مكن الحكومة من الإعلان عن الحكم العسكري، خضعت الرينة لنظام الحكم العسكري في تاريخ 16 تموز يوم سقوطها بأيدي جيش الدفاع الإسرائيلي وحتى انتهاء هذا النظام في كانون اول من عام 1966 بقي نظام المخاتير يلوح بأفق الرينة.

تأسيس اول مجلس محلي.

 اذاً كما أشارنا سالفاً حتى انتهاء الحكم العسكري بقيت الرينة دون مجلس محلي. وفي 4 حزيران من عام 1968 أعلنت وزارة الداخلية على منح مكانة مجلس محلي للبلدة وذلك من خلال اصدار مرسوم أشير به الى اسم الرئيس والأعضاء المختارين لتركيبة المجلس المحلي. وقد عُين موعد حفل افتتاح السلطة المحلية يوم احد الموافق  29 أيلول من عام 1969، في كنيسة دير اللاتين. وقد شارك في الاحتفال ثلاثمائة شخص من بينهم شخصيات حكومية مثل: حاكم لواء اللواء الشمالي كينج، مدير مكتب مستشار رئيس الحكومة نسيم طوقتلي والقائمقام نزار الناشف، بالإضافة الى هؤلاء اشترك بالاحتفال شخصيات اجتماعية منها رئيس بلدية الناصرة موسى كتيلي ورؤساء بلدات عربية أخرى ورجال دين.

تم تشكيل المجلس المحلي على النحو التالي: رئيس المجلس راجح عبد القادر طاطور، اما الأعضاء فهم: 1) راجح عبد القادر طاطور. 2) احمد  علي طاطور 3) توفيق محمد بصول.4) نمر يوسف بصول.5) محمد حسن عثاملة.6) جريس سماره. 7) عيس يوسف برانسي. 8) عزيز خميس.9)  خضر احمد زعروره. وثقت جريدة معاريف الحدث وتطرقت الى تركيبة الأعضاء موثقه ان عملية اختيار الأعضاء تماشى مع التركيبة العائلية للقرية، أضف الى ذلك قام كينج وهو حاكم لواء الشمال الممثل عن وزارة الداخلية بمنح  المجلس المحلس هبة مالية بمقدار 4000 ليرة إسرائيلية كدعم اولي لعمل السلطة المحلية.

عُقدت الجلسة الأولى للمجلس المحلي في تاريخ 9 تشرين اول  عام 1969 خلالها تم انتخاب نائبين للرئيس وهما؛ توفيق محمد بصول وعيسى يوسف برانسي ومن اهم القضايا التي اشغلت المجلس آنذاك إعادة 12،500 دونم تم مصادرتهم من مسطح البلدة، فبعد ان كانت مساحة البلدة 18،500 دونماً، بقي عام 1969 فقط  6000 دونم. من ضمن الأراضي التي تم مصادرتها عام 1963 كانت 800 دونم في الحي الجنوبي بالقرب من البنايات التي أقيمت عليهم مدينة الناصرة العليا.

بقي ان نشير انه عشية تأسيس المجلس محلي وصل عدد سكان البلدة الى 3500 نسمة (من هنا لا يمكن ان نطلق عليها اسم قرية، فوفق قرار وزارة الداخلية اسم قرية يطلق لبلدة عدد سكانها لا يتعدى ال-200 نسمة). ويكون مجلسها المحلي هو المجلس ال-45 في المجتمع العربي (وكان آنذاك مدينتين الناصرة وشفاعمرو).

بناية المجلس المحلي.

بالاعتماد على بعض المقابلات الشفوية التي اجريتها مع بعض سكان القرية تبين انه قبل إقامة بناية المجلس المحلي الحالية، انتقل المجلس المحلي بثلاثة أماكن، الأول كان ببيت نمر سليم بصول في البلدة الجديدة، المكان الثاني بيت ضامن مفلح طاطور على طريق درب السوق، الثالث بناية جميل فرح برانسي (اليوم) مقابل المجلس المحلي بمنطقة العين.

استنتاج:

حتى يومنا هذا كان الاعتقاد بين صفوف اهل البلد انه تم إقامة مجلس محلي في البلدة عام 1969، ولكن بعد فتح الوثائق التاريخية تبين ان الرينة حظيت بمجلس محلي عام 1924، الا انه سرعان ما عاد المندوب السامي بقراره وألغى مكانة مجلس محلي في عام 1929، حاولنا البحث لمعرفة اسم رئيس المجلس بتلك الفترة، تشكيل المجلس، الا اننا لم نفلح في إيجاد مصادر حول ذلك. من هنا تم إطلاق اسم تأسيس اول سلطة محلية بعد قيام دولة إسرائيل لكي يبقى المجال مفتوح لمعرفة عن المجلس المحلي الذي عمل مدة خمس سنوات في ظل الحكم البريطاني.

الكلمات الدلالية :