يسود القلق الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية من استمرار المواجهات في القدس المحتلة في البلدة القديمة وحول المسجد الأقصى وانتقالها لاحقا إلى الشطر الغربي.

ورغم إشارة الأوساط الأمنية إلى سيطرتها على الأحداث والمواجهات المندلعة، وزعمها التقليل من حجم الضحايا، مع ارتقاء 3 شهداء ومئات الجرحى حتى الآن، إلا أنها ترجح استمرار ما وصفته بالتصعيد من جانب الفلسطينيين وأبدت مخاوف من تحرج الأحداث إلى الشطر الغربي من القدس المحتلة.

وقال مراسل صحيفة “هآرتس” في القدس المحتلة، نير حسون، إن قوة المواجهات وحجمها يشبه إلى حد كبير ما وقع عام 2014، عندما قتل الفتى محمد أبو خضير، على أيدي مستوطنين.

واعتبر حسون تقارير الشرطة حول قدرتها على السيطرة والإحاطة بالأحداث حتى الآن على الأحداث، يتجاهل حقيقة ما تم استثماره من قوات شرطية ومن الجيش من أجل هذه السيطرة المزعومة، مضيفا أن الإبقاء على هذا الوضع كل يوم جمعة لن يكون سهلا على الإطلاق.

ومثال على ذلك، يقول حسون، إن الحواجز الشرطة والعسكرية التي نصبت اليوم في القدس المحتلة ومنعها المصلين من الداخل الفلسطيني ومناطق مختلفة في الضفة الغربية والتفتيش داخل القدس نفسها، احتاجت إلى قوات هائلة للقيام بذلك وهو ما لن يكون متوفرا ولا مريحا لمدينة القدس (العاصمة).

وأكد حسون أن الحالة الحالية التي تسود أوساط المقدسيين، تعني زيادة احتمال القيام بعمليات فردية أو جماعية مناهضة للمؤسسة الإسرائيلية، من قبل شبان فلسطينيين، الأمر الذي سيزيد المشهد تعقيدا.

ولفت إلى أن صور الأقصى فارغا من المصلين وصور المواجهات الدائرة والقمع الإسرائيلي لهذه المواجهات، تعتبر بمثابة دعوة مجانية لارتكاب عمليات فردية من قبل الشباب المتحمس.

إلى ذلك، حذرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية من مغبة استمرار التعنت الإسرائيلي في الإبقاء على البوابات الإلكترونية التي ركبتها على أبواب المسجد الأقصى، لأن ذلك “سيلحق أضرارا كبيرة بها وسيكون كل إسرائيلي عرضة للاستهداف”.

وقال المحلل العسكري في الصحيفة، “أليكس فيشمان”: إنه “وعلى الرغم أن قرار الكابينيت الإسرائيلي بالإبقاء على البوابات الإلكترونية حول الأقصى يدلل على طول نفس ورباطة جأش إسرائيلية أمام كل ما يرافق ذلك من توتر ومواجهة، إلا أن صناع القرار في “إسرائيل” يدركون أنهم وقعوا في فخ خطير، وباتوا يبحثون عمن ينزلهم عن الشجرة، بأخف الأضرار، أمام هذا الإصرار من المعتصمين أمام تلك البوابات، باللجوء إلى الأردن ومصر وغيرها بحثا عن حل”، داعيا لإزالة البوابات بأسرع ما يمكن.

وأضاف الكاتب أنه “يخفى على صناع القرار الإسرائيلي أن منفذي عملية الأقصى الأسبوع الماضي نجحوا مرتين، الأولى عندما نفذوا عمليتهم داخل الأقصى بحنكة عالية وتمكنوا من قتل عنصرين بالشرطة، والثانية عندما نجحوا في تأجيج الثورة الفلسطينية من جديد، بل وتجنيد العالم العربي والإسلامي ضد إسرائيل”.

وتابع فيشمان: “تمكن الإسلاميون في القدس والداخل من حشر “إسرائيل” في الزاوية، ودفعها لاتخاذ قرارات متهورة في أقدس بقعة بالنسبة للفلسطينيين، ما كان يجب على إسرائيل اتخاذها، لأنها تعني الموت الذي تكرهه”.

وأوضح “الهدف الذي أرادته “إسرائيل” من تركيب البوابات جاءت نتائجه عكسية وانقلب ضدها، بل إن القرار زاد دعوات التحريض على مواقع وشبكات الانترنت ضد “إسرائيل” ليس فقط على المواقع التابعة لحركة حماس، وإنما على جميع المواقع العربية المناصرة للفلسطينيين”.

وختم بالقول متسائلا: “ماذا كان سيحدث لو قررت “إسرائيل” التراجع عن هذا قرار تركيب البوابات الإلكترونية متذرعة بالاستجابة لطلبات الدول العربية الصديقة وحليفتها الأميركية، كان الشارع الفلسطيني سيحتفل ليومين أو ثلاثة وتعود الحياة لطبيعتها، وبذلك تكون جراحنا التي أصبنا بها في كرامتنا قد بدأت بالشفاء بعد الأخطاء الأمنية التي ارتكبناها”.